إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2008

الإصلاح ليس كلاماً يُردد..


الإصلاح ليس كلاماً يُردد..

مع الأسف الشديد أن الأجيال المنتمية للإسلام في هذا العصر تنقصها التربية الفكرية التي برز فيها السلف الأول، وأضحوا بها قادة تنظر لهم الدنيا بإعجاب وحفاوة.. وكثيراً ما نقرأ أن الأوربيين يهتمون بالأصول لا بالفروع، وأنهم يقيسون النهضات بثمراتها المادية والأدبية معاً وهذا ما استفادوه من سلفنا الأول وطبَّقوه الآن، وحين يكون الإصلاح هَمّاً مشتركاً بين الناس فلا بد أن يكون أيضاً كلاماً يتداورونه بينهم، وحديثاً حاضراً في محافلهم ومجالسهم؛ فإن المرءَ إذا أهمَّه أمرٌ أكثر من الحديث عنه؛ حتى يُعرفَ به، وإذا أصبحت الأمة تتحدث عن الإصلاح وضرورته، وعن التخلف وآفته، فقد شرعت في أُولى مراحل الإصلاح.

كنت أفكر وأنا أرقب الأعمال الثقافية والمنتديات الأدبية والمعارض الدولية حول وضع المثقفين في المملكة. وأعتقد أننا نعيش في وقت صعب للغاية على مستوى العالم وفي المملكة على وجه الخصوص، ومن المؤكّد أن المثقفين السعوديين يمكن أن يلعبوا دوراً مهماً في التطور المستقبلي للأمة من خلال ثقافتهم الإسلامية ومكانتهم الأدبية، ولكن أكبر المشكلات في المجتمع الثقافي السعودي تكمن في عجز مثقفي هذه المنطقة من العالم عن تقرير مَن يكونون. فهل هم خبراء ومهنيون مختصون يعملون في ميادين محددة موجهة إلى السوق ومتحمسة للإبداع، وهل سيتكيّفون بسرعة مع تغيّر الأحوال الاقتصادية والسياسية؟ يعلم الجميع أننا عانينا لفترة طويلة من وجود نُخب مثقفة أقلعت عن أدبها الثقافي وأذعنت للقواعد الصارمة والاتجاهات المخادعة والزوابع التيارية الفكرية. والآن حان الوقت لكي نعمل كالكابح لهذا الاعتقاد المفروض، وأن نُدخل تلوينة جديدة من النقاش على الميدان العام. وإلى نقاش نقدي رزين ينتج ولا يقيض البناء.

ومما لا شك فيه أن دور المثقفين في أي مجتمع هو بالفعل أحد العناصر الحاسمة في تطوره، بيد أن المثقفين ينحدرون من مشارب شتى، أضف إلى ذلك أنه لا يجوز بالعرف الثقافي انتقاد المثقف على تقصيره والحديث الجاد الذي يفتش عن المشكلات ويتحسس الحلول يعلِّم الجدّ في الحياة، ويربي على تحمّل المسؤولية، وعلى مجابهة الحياة بشجاعة وثقة. والكل يتحدث عن الإصلاح، والكل يفهمه بطريقته.

يتحدث المثقف والأديب والفقيه عن الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي....إلخ، ورغم ذلك فإن الأمور تظل على حالها.. لماذا؟

لأنه لا يمكن أي يحدث أي إصلاح جوهري في أي شأن من شؤون الحياة ما لم يسبقه إصلاح ثقافي عميق وواسع. هذا ما حدث لدى مختلف الأمم الناهضة عبر التاريخ.

وهكذا لو قام كل واحد منا بمسؤوليته، في الدعوة والإصلاح، واستخدم قدراته وإمكانياته في إصلاح المجتمع، ابتداءً بنفسه وأهله، ومن حوله، ثم إلى كل صاحب منكر ولو استثمرنا كل الوسائل من دعاء ورسالة والتفاف وتضافر ومتابعة... إلخ مع الجميع لأثمر الجهد، ولكن نعوذ بالله أن نكون من الغثاء، ولا يكن التزامك التزاماً أجوفَ، لا دعوة ولا إصلاح.

وقبل الختام:

أقول للجميع من أدباء ومثقفين لا تكن كَلاً على أمتكَ؛ فتغرق السفينة، واعلم أنك على ثغرٍ من ثغورها، كبُر شأنك أو صغر، فالله الله أن نؤتى من قِبلك والله يرعاك ويسدّد خطاك.

ليست هناك تعليقات: